أدى الانخفاض الملحوظ في معدل الإصابة بمرض الملاريا في الممملكة وخاصة المنطقة الجنويبة التي سجلت فيها عدد الحالات 19 ألف حالة عام 1998 إلى 96 حالة عام 2006 رغم هطول الأمطار بنفس المعدل أو أكثر إلى إشادة منظمة الصحة العالمية بتجربة وزارة الصحة ودعتها إلى عرض تجربتها الناجحة دولياً ليستفيد منها كافة دول العالم .
أوضح ذلك مستشار منظمة الصحة العالمية للملاريا الدكتور أناتولي كوندراشن الذي يقوم بزيارة للملكة لاستقصاء وضع مرض الملاريا في المنطقة الجنوبية بعد انحسار المرض من معظم مناطق المملكة وأثنى كورندراشن مستشار منظمة الصحة العالمية على تجربة المملكة العربية السعودية في مكافحة الملاريا والقضاء عليها عبر مشروع وطني فعال تحت شعار " وطن بلا ملاريا " شمل كافة مناطق المملكة بالتركيز على المناطق التي تتعرض لموجات من الملاريا مثل منطقة جازان عسير لما تتميز به من عوامل مناخية وجوية تساعد على توالد البعوض الناقل علاوة على أن هذه المناطق تعتبر مناطق حدودية مع جمهورية اليمن التي تشهد معدلات مرتفعة للإصابة بهذا المرض وبالتالي يساهم المتسللين وحركة البعوض في حدوث حالات وافدة للمناطق السعودية .
وأوضحت المنظمة أنها وتأكيداً لنجاح جهود المملكة وإعترافاً بها دعت المملكة لعرض تجربتها الناجحة والنادرة في مكافحة الملاريا والقضاء عليها وتعريف العالم بهذا النموذج ليكون مثالاَ للدول التي تعاني من الملاريا وذلك في اجتماع دولي عقد موخراً في دولة تونس حضره عدد كبير من الاستشاريين من كافة دول العالم مشيرة إلى أنها نفذت إستراتيجية محكمة وسخرت لها كافة الامكانيات .
وأكد كوندراشن أن الدعم القوي من وزير الصحة الدكتور حمد بن عبدالله المانع ومسؤولي الوزارة ساهم بقدر كبير في خفض معدلات الإصابة بالملاريا في المملكة وخاصة في مناطق جازان وعسير وبيشة مشيراً إلى أن قيادة الوزير الشخصية للعمل الميداني لفعاليات حملات الرش شجعت العاملين وفرق الرش والمكافحة معنوياً بالاضافة إلى توجيهاته بتحفيز العاملين في الحملات الميدانية مادياً وتوفير كافة الامكانيات لانجاح فعاليات المكافحة بما في ذلك أجهزة الرش والاجهزة المخبرية والتدريب على المكافحة .
وأوضح أن هذه الجهود ساهمت في خفض معدلات الاصابة من 19 ألف حالة عام 1998م إلى 96 حالة 2006م وانخفاض عدد القرى التي تمثل بؤراً للإصابة بهذا المرض من 220 قرية إلى 50 قرية فقط عام 2006م وذلك على الرغم من ارتفاع معدلات الأمطار وزيادة حالات التسلل للمصابين عبر الحدود المفتوحة بين السعودية واليمن وارجع ذلك إلى المتابعة والاستمرار في جهود المكافحة وعمل كافة الإجراءات اللازمة حيث تم تكوين (50) فرقة متحركة للمكافحة وفحص وعلاج الحالات المصابة مجاناً .
وحذر من تراخي الجهود بعد الوصول إلى هذه النتائج الطبية مشيراً إلى أن العوامل المحفزة لانتشار المرض لا تزال موجودة وخاصة الحدود المفتوحة مع اليمن التي تسمح بتسلل المصابين وتوافذ البعوض الناقل إلا أنه استدرك قائلاً : ( إنه من الأشياء الجيدة أن المملكة لا تزال مهتمة بالامر رغم تزايد الامطار والمتسللين ) مؤكداً أن الوضح تحت السيطرة .
ولفت إلى أن المملكة من الدول القليلة التي تبنت مع منظمة الصحة العالمية جعل الجزيرة العربية خالية من الملاريا ووضعت خطط ودراسات تم مناقشتها في المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة بدول الخليج العربية حيث تم التأكيد على إستراتيجية بهذا الشأن . مبيناً أن المملكة تتحمل 50% من عبء المكافحة في محافظات اليمن ذات الكثافة السكانية العالية والتي تشهد ارتفاع حالات الإصابة بالملاريا مثل محافظة صعدا ومحافظة حجا مشيراً إلى أن المملكة ظلت منذ سنوات تدعم اليمن مادياً ومعنوياً حيث قدمت لها 8.5 مليون ريال خلال الـ 18 شهر الماضية بالاضافة إلى السيارات والاجهزة والمبيدات والميكروسكوبات والأدوية مما انعكس ذلك ايجاباً على معدل حالات الاصابة داخل المملكة حيث شهدت انخفاظاً ملحوظاً خلال السنوات الماضية .
واشار إلى أن تميز المملكة بوجود خدمات صحية راقية وإمكانيات العالية في مجال مكافحة الأمراض جعل من السهولة وضع إستراتيجية جيدة للوقاية من الأمراض سواء من الملاريا أو غيرها مثل مكافحة وحمى الضنك وحمى الوادي المتصدع .
واختتم كوندراس الذي يزور المملكة حالياً لتقديم المشورة في مجال مكافحة الملاريا أن المنظمة تؤكد دعمها الكامل للمملكة وتزويدها بكل ما تطلبه من مشورة وخاصة الدعم الفني وبإشراف مباشر من المدير العام للمنظمة حيث يقوم المشاورين بتقييم العمل وتحديد المستوى الذي وصلت إليه جهود الوزارة وبالتالي تقديم المشورة التي تعين المملكة في تحقيق أهدافها المنشودة في مكافحة الأمراض والقضاء عليها مؤكداً أن دعوة المنظمة للمملكة لتعريف العالم بتجربتها في مكافحة الملاريا والقضاء عليها يمثل اعترافاً بجهود المملكة ونجاحهاً .